أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا يمكن عزل أدب الأطفال عن حركة الأدب العامّ للكبار، فالتغيّرات والتطوّرات التي تطرأ على الأدب للكبار تؤثّر بشكل أو بآخر في أدب الأطفال. صحيح أنّ أدب الأطفال لم يعرف نفس المذاهب الأدبيّة التي عرفها أدب الكبار، ولكنه مرّ بمراحل رئيسيّة مختلفة انعكست في الموضوعات التي عالجها، وفي المصادر التي استقى منها هذه الموضوعات، وفي الألوان الأدبيّة السائدة فيه. في بداية ظهور أدب الأطفال في العالم طغت عليه الحكايات الشعبيّة والخرافيّة والأساطير المليئة بالخوارق والغرائب، ثم برزت فيه القصص والحكايات على لسان الحيوان والقصص الخياليّة المسلّية، وتدريجيًّا أخذت تظهر فيه القصص الواقعيّة التي تستمدّ موضوعاتها وأحداثها وشخصيّاتها من الواقع والحياة اليوميّة المألوفة. وظهور الواقعيّة في أدب الأطفال قد يكون مردُّه في الأساس ثورة على السيل الجارف والطاغي من الحكايات الخرافيّة والأساطير والقصص التي تدور حول الملوك والأمراء والجان والساحرات، ودعوة لاستبدالها بقصص تدور حول عامّة الناس والطبقات الشعبيّة، وتعالج موضوعات مستمدّة من حياة الواقع والأحداث الجارية في الحاضر. ومما عزّز هذا الاتجاه الواقعيّ وجود نقد على الحكايات الشعبيّة والأساطير للاعتقاد بأنّ تلك الألوان الأدبيّة بما تحويه من مضامين وقيم وأحداث قد تؤثّر سلبًا في شخصيّات الأطفال، وتزرع فيهم قِيمًا وأنماطا خلقيّة واجتماعيّة مرفوضة كالاعتماد على الخوارق والحلول الغيبيّة، والميل إلى العنف والعدوانيّة، وقد تشوّه نظرتهم وفهمهم للواقع، بينما القصص الواقعيّة تسهم في إعداد الأطفال للحياة وتعرّفهم بالواقع، وتساعدهم على التكيّف والاندماج في حياة المجتمع. وعن دور مثل هذه القصص الواقعيّة كتب الباحث ناصر أحمد يقول إنها: "أهمّ الأنواع القصصيّة التي تساعد على ربط الطفل بواقعه، وتعريفه عليه بهدف إكسابه القيم الإيجابيّة، والتأثير على ما اكتسب من القيم السلبيّة الناتجة عن التنشئة الأسريّة والاجتماعيّة غير الواقعيّة، كما أنّه يعرض على الطفل مشكلات الواقع، ويقدّم له النماذج الإيجابيّة التي تمثل هذا الواقع، ولا تدفعه إلى عوالم خياليّة بعيدة عن الواقع، تغرّب الطفل عنه أكثر مما تشدُّه إليه" (أحمد، 1989: ص 69-70) ومن العوامل التي عزّزت الاتجاه الواقعيّ في أدب الأطفال أيضا اتّساع رقعة الممارسة الديمقراطيّة في حياة المجتمعات والشعوب. وتحقيق المزيد من المساواة والمشاركة لجميع فئات وطبقات المجتمع، وإعلاء شأن الطفل والتعبير عن تجاربه ومشاعره. والقصص الواقعيّة تلائم تقريبا جميع الفئات العمريّة للأطفال، شريطة أن تراعي قدراتهم وميولهم في تلك المراحل. ومن الجدير بالذكر أنّ القصص الواقعيّة لا تقتصر على الموضوعات التي تتّصل بحياة الإنسان الواقعيّة والشخصيات البشريّة فقط، بل يحدث أحيانا أن يلجأ أديب الأطفال الواقعيّ إلى حِيَل أدبيّة وإلى أساليب فنيّة متّفق عليها كاستخدام الحيوان أو الجماد أو النبات كرموز للتعبير عن البشر ومشاكلهم وقضاياهم الواقعيّة، ويتمّ توظيف الخيال في تلك الأعمال الأدبيّة للتعبير عن قيم إنسانيّة واجتماعيّة مختلفة. المراجع - أحمد، ناصر سيف (1989). القصص الفلسطينيّ المكتوب للأطفال 1975- 1984. منظمة التحرير الفلسطينيّة، دائرة الثقافة. - بتلهايم، برونو (1985). التحليل النفسيّ للحكايات الشعبيّة (ترجمة طلال حرب). بيروت: دار المروج.